البداية والنهاية/الجزء الحادي عشر/صفحة واحدة

البداية والنهاية/الجزء الحادي عشر/صفحة واحدة

البداية والنهاية/الجزء الحادي عشر/صفحة واحدة

댓글 : 0 조회 : 5

فسمل ليلة الجمعة لثلاث ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة سبع وستّين، وجدّ أبو إسحاق ابن معزّ الدولة في إلحاق صاحبه المعروف بابن الراعي به لشيء كان في نفسه عليه ولم يكن له شافع لما كان ارتكبه من مكاره الناس فسمل أيضا. يرسم له أن يتوقف بالبصرة مع الغلام إلى أن يرحل بختيار عن واسط ويتمسك بالشرائط التي شرطت عليه فوردت كتب العلوي بذلك فاضطرب واجتهد وكاتب وراسل فلمّا لم ينفعه شيء من ذلك أمر بتقديم سواده وعمل على الإصعاد ليلا وأعلم عبد الرزاق وأبا النجم أنّه قد رأى أن تكون الحرب ببغداد لأنّ أبا تغلب ابن حمدان صائر إليه لمعاونته وسألهما الإصعاد معه ففعلا ذلك على استضعاف الرأي فيه وقد كانا اطّلعا على حديث هذا الغلام فكتبا إلى أبيهما حسنويه يصدقانه عن الصورة فلما حصل عبد الرزاق بجرجرايا رحل منصرفا وتوقف أبو النجم بدر على سبيل التذمّم والحياء. فدخل في الطاعة وحلف عليها وأعطى صفقة يمينه بها ولبس خلع عضد الدولة وعبر إلى الجانب الغربي على أن يسير إلى الشام ويثبت على أعلامه وراياته اسم عضد الدولة ويقيم الخطبة له في أى بلد دخله ولما فعل ذلك انصرف عنه بدر بن حسنويه آيسا منه ولحق بأبيه. من عجائب ما اتفق على بختيار في تلك الحال أنّه كان أسر له في الوقعة بالأهواز غلام تركي يعرف ببايتكين لم يكن من قبل يميل إليه ولا تظهر منه محبة له فجنّ عليه جنونا وتسلى عن كل شيء خرج عن يده إلّا عنه وحدث له من الحزن عليه ما لم يسمع بمثله فامتنع من الطعام والشراب والقرار والسكون وانقطع إلى النحيب والشهيق والعويل واحتجب عن الناس إخلادا إلى البكاء وتضجّر بالجيش وتبرّم بحضورهم واطّرح التدبير وزعم أنّ فجيعته بهذا الغلام فوق فجيعته بالمملكة والانسلاخ منها ومن النعمة.


svatomartinske-rohlicky-10069-1.jpg ووجد في حبس ابن بقية صاحبه المعروف بالكراعى وكان صادره ولم يبق فيه بقية، فأطلقه بختيار وسلّم إليه ابن الراعي ليطالبه ثم أخذ من يده فاستوحش الكراعى وهرب إلى البطيحة. وأنفذ أبا أحمد الحسين بن موسى الموسوي رسولا إليه في هذا الباب وبذل له على يده في فدية الغلام جاريتين عوّادتين محسنتين كانتا عنده ولم يكن لهما نظير في الحذق والبراعة وقد كان أبو تغلب ابن حمدان بذل بإحديهما مائة ألف درهم فأبى أن يبيعها. وبذل له عضد الدولة مالا جليلا على أن يقيم في كنفه ويلقاه ثم يسير إلى حيث يختار فلم يفعل ذلك ولم يسكن إليه فاشترط عليه شروطا كثيرة كان فيها ألّا ينابذ أبا تغلب ولا يعرض له إلّا بقدر الاجتياز في أعماله فقط لمراسلة كانت بينه وبين عضد الدولة ولمقامه على العهد القديم، وأطلق لبختيار مالا وقاد إليه جمالا ودوابّ معونة له على نهضته ووقع النداء بمدينة السلام برجوعه إلى طاعة عضد الدولة وأنّه سلم غير محارب وخرج نحو الموصل. وعادت المكاتبة بينه وبين فخر الدولة علي بن ركن الدولة وأبي تغلب ابن حمدان ورجع ابن بقية إلى ذخيرة كانت له بواسط فتأثّث منها وجرى على عادته في استمالة الجند وبذل الخلع حتى مالوا إليه وآثروه على بختيار.


قال في الكشاف عند ذكر ما رأوا من الشواهد الدالة على براءته: ورشة المنيوم وما كان ذلك إلا باستنزال المرأة لزوجها، وفتلها منه في الذروة والغارب، وكان مطواعة لها، وجملا ذلولا زمامه في يدها، حتى أنساه ذلك ما عاين من الآيات وعمل برأيها في سجنه لإلحاق الصغار به كما أوعدته، وذلك لما أيست من طاعته، وطمعت في أن يذلله السجن ويسخره لها اهـ. وكان نازلا من واسط في الجانب الغربي ومعه المال والسلاح والثياب والآمال متعلقة به وبختيار في الجانب الشرقي خال من ذلك كلّه وإنّما كان ابن بقية يجرى عليه قوته ويعوله كما يعال من لا أمر له وعمل على أن يراسله باعتزال التدبير وأن يصعد إلى بغداد ويخلّى بينه وبين الحرب فإن فعل وإلّا جاهر وطرده وكان ذلك ممكنا منه لو أمضاه. « قد كنت عملت على الانصراف عن الأهواز قبل الحرب بجيش كثيف وأمر مستقيم وعسكر وآلة وسلاح فإن تمكنت من المقام بواسط أو ببغداد ولحقتني المعونات التي أنتظرها من سائر الجهات وإلّا كان أقل ما في يدي أن أنصرف عن هذه البلاد بعسكر لم يثلم ولم ينكب فلم يتعذر عليّ أن أغلب على غيرها فأبيت إلّا إخراجى من جميع نعمتي ومملكتي وإفساد ما بيني وبين أجلّ أهلى. وترجح الرأي ببختيار بين الدخول في طاعة عضد الدولة وبين المقام على معصيته ومحاربته وكان الرسولان مع جماعة من نصحائه يشيرون عليه بطريق السلامة ويعرّفونه عجزه عن مقاومته وقلة عدته من المال والرجال وكان جماعة أخرى من قواده وخواصه فيهم الحسن بن فيلسار يشيرون عليه بالثبات والمقارعة ثم تقرر الأمر واختار السلامة والطاعة من طريق الضرورة.


وجاء إبراهيم بن إسماعيل حاجبه وأشرف عليه في اللوم والتقريع وأشار عليه أن يقيم بواسط للمقارعة والمدافعة وجاءه عبد الرزاق ابن حسنويه ثم أخوه أبو النجم بدر بن حسنويه في نحو ألف فارس ووردت كتب حسنويه بأنّه سائر على أثرهما فأظهر المقام بواسط على مباينة عضد الدولة. ثم أعاد أبا أحمد الموسوي بجواب الرسالة وضم إليه أبا سعد بهرام بن أردشير الكاتب رسولا وأعلمه أنّه مجيب له إلى ما سأل وأرشده مع ذلك إلى بعثه على الطاعة وحمّله رسائل أخر أمرهما أن يؤديها إلى بختيار سرّا عن ابن بقية وعلى غير مشهد منه ولا من أحد. وتلوّم بختيار في طريقه حتى لحقه أبو أحمد العلوي وبهرام بن أردشير ومعهما بايتكين فسلماه إليه فتمم المسير إلى بغداد. كان قبضه على ابن بقية قبل ردّه أبا أحمد النقيب وبهرام بن أردشير الرسولين إلى عضد الدولة فشهدا ذلك عيانا ثم أنفذهما وأنفذ الجاريتين ليفتدي بهما غلامه بايتكين ووافق أبا أحمد العلوي على أن يبذل جميع ملكه إن دعته إلى ذلك حاجة. فلمّا خرج تلك الليلة ظفر به وسلّم إلى مونس الخازن، فقتله ثم طرحه على الطريق، حتى أخذه أهله فدفنوه. » فاستهان به ابن بقيّة واستعجزه وجاهر بذلك بعد أن كان يستره وعدل إلى الأخذ بالحزم لنفسه. فتحرك الجند بعد أيام يسيرة من القبض على ابن بقية وطالبوا بأموالهم وعرّضوا بذكره والتأسف عليه فهمّ بختيار بقتله في الوقت فلمّا تفرق الجند عنه أنفذه في الليل مقيّدا إلى بغداد موكّلا به وأخرج معه أبا العلاء صاعد بن ثابت ليطالبه ولم يكن الاحتياط وقع على أقاربه لأنّ بختيار عاجله كما حكيت.



When you adored this informative article along with you wish to get more information about ورشة المنيوم الرياض i implore you to go to our web-page.
이 게시물에 달린 코멘트 0