فكتبت إليك أسألك رد تلك الكور إلى ما كانت عليه من حالها؛ لتكون فضول ردها مصروفة إلى مواضعها؛ وأن تأذن لقائم بالخبر يكون بحضرتك يؤدي إلينا علم ما نعنى به من خبر طرفك؛ فكتبت تلط دون ذلك بما تم أمرك عليه صيرنا الحق إلى مطالبتك؛ فاثن عن همك اثن عن مطالبتك، إن شاء الله. قالوا: انظر أيها الأمير حتى ننظر في ذلك وخرجوا من عنده وأجمعوا على أن حفروا ناووسا قديما وأخرجوا منه رأس آدمي وحملوه على عجلة إلى المدينة فأمر بالرأس فكسر وأخذ ضرس من أضراسه فوجد وزنه عشرين رطلا على ما به من النخر والقدم فقالوا إن جئتنا بمثل هؤلاء الرجال حتى نعيد عمارتها على ما كانت فسكت، ويقال إن المعاريج التي بالإسكندرية مثل الدرج كانت مجالس العلماء يجلسون عليها على طبقاتهم فكان أوضعهم علما الذي يعمل الكيمياء من الذهب والفضة فإن مجلسه كان على الدرجة السفلى، وأما خبر المنارة فقد رووا لها أخبارا هائلة وآذعوا لها دعاوى عن الصدق عادلة وعن الحق مائلة فقالوا إن ذا القرنين لما أراد بناء منارة الإسكندرية أخذ وزنا معروفا من حجارة ووزنا اخر ووزنا من حديد ووزنا من نحاس ووزنا من رصاص ووزنا من قصدير ووزنا من حجارة الصوان ووزنا من ذهب ووزنا من فضة وكذلك من جميع الأحجار والمعادن ونقع جميع ذلك في البحر حولا ثم أخرجه فوجده قد تغير كله وحال عن حاله ونقصت أوزانه إلا الزجاج الرياض فإنه لم يتغير ولم ينقص فأمر أن يجعل أساس المنارة من الزجاج سكريت الرياض وعمل على رأس المنارة مرآة ينظر فيها الناظر فيرى المراكب إذا خرجت عن أفرنجة أو من القسطنطينية أو من سائر البلاد لغزو الإسكندرية فأضر ذلك بالروم فلم يقدروا على غزوها، وكانت فيها جمة تنفع من البرص ومن جميع الأدواء وكان على الروم ملك يقال له سليمان فظهر البرص في جسمه فعزم الروم على خلعه والاستبدال منه فقال انظروني أمض إلى جمة الاسكندرية وأعود فإن برئت وإلا شأنكم وما قد عزمتم عليه.
اللغة الرسمية في كل ناحية هي لغة أكثرية السكان وبهذه اللغة تكتب مداولات المجالس البلدية والأعمال الإدارية التي تعلق ليقرأها الجمهور وبها تكتب أسماء الشوارع والمصانع ويدرس في المدارس ويلقى الوعظ أو القداس في الكنائس ومن النواحي من اختارت برضاها التساهل مع أهل اللغة الأخرى في بعض هذه المسائل كأن تترك مقاطعة المدينة اللغة الإفرنسية تجعل لسان التدريس فس مدرستها أو أن سكان مقاطعة رومانشية يقدس لهم بالألمانية وللمنتخبين في المقاطعات المختلفة أن يتكلموا بإحدى اللغتين كما يشاؤن في جميع المداولات وتكتب الإعلانات وغيرها باللغتين وإذا بلغت الأقلية العدد الكافي تكون لها مدرسة بلغتها وكنيسة تعظ وتقدس بلسانها وفي الكتابات الخاصة وعناوين الدكاكين تركت للناس حريتهم وما يسري على الناحية يسري على المديرية حذو القذة بالقذة أي تكون اللغة الرسمية لغة الأكثرية والأقلية لا تحرم من حق التفاهم. ومن انواع المطابخ التي تقوم الشركة بتركيب زجاج سيكوريت في الرياضها ما يلي( مطابخ ايكيا، مطابخ خشبي، مطابخ المونيوم، مطابخ اكريليك) وغيرها من انواع المطابخ الأخرى.
قال: فنظرت في الكتاب؛ فلما قرأت بعضه استفظعته، فألقيته من يدي، ولعنت كاتبه، فقال لي: قد قلت لك إن استفظعته فلا تلقه؛ اقرأه بحقي عليك حتى تأتي على آخره! قال: ثم اندرأت أذكر مثالبهم، قال: فسر بذلك، وقال: أقسمت عليك لما أمللت مثالبهم كلها على كاتب. ومن تأمّل سير هؤلاء الخلفاء والملوك واختلافهم في تحرّي الحقّ من الباطل علم صحّة ما قلناه وقد حكاه المسعوديّ مثله في أحوال بني أميّة عن أبي جعفر المنصور وقد حضر عمومته وذكروا بني أميّة فقال: «أمّا عبد الملك فكان جبّارا لا يبالي بما صنع وأمّا سليمان فكان همّه بطنه وفرجه وأمّا عمر فكان أعور بين عميان وكان رجل القوم هشام» قال ولم يزل بنو أميّة ضابطين لما مهّد لهم من السّلطان يحوّطونه ويصونون ما وهب الله لهم منه مع تسنّمهم معالي الأمور ورفضهم دنيّاتها حتّى أفضى الأمر إلى أبنائهم المترفين فكانت همّتهم قصد الشّهوات وركوب اللّذّات من معاصي الله جهلا باستدراجه وأمنا لمكره مع اطّراحهم صيانة الخلافة واستخفافهم بحقّ الرّئاسة وضعفهم عن السّياسة فسلبهم الله العزّ وألبسهم الذّلّ ونفى عنهم النّعمة ثمّ استحضر عبد الله 94 ابن مروان فقصّ عليه خبره مع ملك النّوبة لمّا دخل أرضهم فارّا أيّام السّفّاح قال أقمت مليّا ثمّ أتاني ملكهم فقعد على الأرض وقد بسطت لي فرش ذات قيمة فقلت ما منعك عن القعود على ثيابنا 95 فقال إنّي ملك وحقّ لكلّ ملك أن يتواضع لعظمة الله إذ رفعه الله ثمّ قال لي: لم تشربون الخمر وهي محرّمة عليكم في كتابكم؟
قال: ودعا بكاتب من كتاب السر، فأمره فجلس ناحية، وأمرني فصرت إليه، فصدر الكتاب من المهدي جوابًا، وأمللت عليه مثالبهم فأكثرت؛ فلم أبق شيئًا حتى فرغت من الكتاب، ثم عرضته عليه، فأظهر السرور، ثم لم أبرح حتى أمر بالكتاب فختم وجعل في خريطة، ودفع إلى صاحب البريد، وأمر بتعجيله إلى الأندلس. قال: وحدثني عبد الله بن الربيع، قال: سمعت مجاهدًا الشاعر يقول: خرج المهدي متنزهًا، ومعه عمر بن بزيع مولاه، قال: فانقطعنا عن العسكر، والناس في الصيد، فأصاب المهدي جوع، فقال: ويحك! وذكر محمد بن عمر، عن حفص مولى مزينة، عن أبيه، قال: كان هشام الكلبي صديقًا لي، فكنا نتلاقى فنتحدث ونتناشد؛ فكنت أراه في حالٍ رثة وفي أخلاق على بغلة هزيل، والضر فيه بين وعلى بغلته؛ فما راعني إلا وقد لقيني يومًا على بغلة شقراء من بغال الخلافة، وسرج ولجام من سروج الخلافة ولجمها، في ثياب جياد ورائحة طيبة، فأظهرت السرور، ثم قلت له: أرى نعمة ظاهرةً، قال لي: نعم، أخبرك عنها، فاكتم؛ فبينما وأنا في منزلي منذ أيام بين الظهر والعصر؛ إذ أتاني رسول المهدي فسرت إليه، ودخلت عليه وهو جالس خالٍ ليس عنده أحد؛ وبين يديه كتاب، فقال: ادن يا هشام، فدنوت فجلست بين يديه، فقال: خذ هذا الكتاب فاقرأه. قال: قال المهدي: ادنه، فدنوت، فقال: ما تقول؟